قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالات الأستاذ حسين المحروس
 
عندما لا نرى حركة الملليمتر
حسين المحروس - 2006/09/05 - [الزيارات : 7828]

 

عندما لا نرى حركة الملليمتر

  
"وماذا يُوجد في البحرين كي أصوّره؟"
كان ذلك سؤال استنكاري من المصور الشاب علي ثامر عندما سألته عن جديده في التصوير. كان علي يتحدّث عن التصوير السياحي، أو تصوير الرحلات، الذي هو أحد موضوعات التصوير، وليس كلّ موضوعاته! كثير من المصورين يقولون: "ماذا تفعل هنا؟ لو تسافر تجد صوراً ليس لها مثيل".
كنّا نقفُ جوارَ باب مكتب في مبنى صحيفة الوقت، وقدّ غطّى الصبّاغون أعلى إطاره العريض والجانبين بصحف عربية مختلفة استعداداً لطلاء المكتب. صار الإطار كلّه كلمات وصور تداخلت. طلبت منه النظر إليه: ألا يلفت عينيك يا علي؟ بابٌ كلّه أخبار وكلمات وصور؟! قال: ليس لدي عدسة تلتقطه!
لم تكن المشكلة في ماذا تصور إذن! كانت المشكلة في المعدّات والإكسسوارات يا علي. المشكلة الثانية في أن لا تكون لك في كل ملليمتر حركة عين . في غرفتك الضيقة مشاهد، وفي ثيابك الملقاة على الأرض مشاهد، وفي مرتبة سيريك مشاهد، وفيما يدخل من ضوء إلى غرفتك مشاهد، وفي حركة ظلّك، وفي حركة عباءة فتاة تسفر عن "جينز" أزرق، وفي طرفة رمش، وضيق صدر بدا واضحا في العيون، وفي مرتبة سرير مقعرة، تَعبةٍ، رُميتْ على الطريق بكلّ حكاياتها، وفي قفزات قطّ على سطوح البيوت يتفقد سِير أهلها، وفي طلّة قندة الحيّ، وفي جماعة من النمل حول قطعة سكّر، وفي تسبيحة عين، وعبور مجاز الديري، ودهشة طفل، وحياء مراهقة، وفي سيرة في وجه، وفراشة هربت بعينيها وفي حقد الحرب، وفي شال خولة مطر ملقى على كرسيها، وفي صفير ريح في زقاق موحش يعرفه محمد فاضل! وفي عرق صدغ فارسية ساعة الرقص، وفي خوف طفل في ملجأ، وفي ثورة جوعى، وعروس تتهيأ، وحركة اليد الأولى على طاولة اللقاء الأوّل. 
ماذا لو رجعْت إلى الكاميرا مرّة أخرى وعقدت ألفةً مع كلّ شيء حولك، ونظرت إليه من خلال نافذة الكاميرا، نافذة العين. يدخلك شيءٌ من الاطمئنان سرعانَ ما ستجد المشهد غير مستقرٍ، وأنّ ذلك الملليمتر الواحد من الحركة الذي لم تعوّل عليه قد أفقدك الرؤية والصورة إلى الأبد، حتى لو كانت تلك الألفة إخاءً. سيبدو لك أشبه بالمبالغة في الاقتراب عندما ترتدّ حجاباً. ستتأكد حينها أنّ الاطمئنان للمشهد لا ينتج رؤية، وأنّ الحديث عن صورة فوتوغرافية بريئة وهمٌ.
ولكن كيف هي عين الملليمتر عند رئيس نادي التصوير الفوتوغرافي في جمعية البحرين للفنون التشكيلية الفنان خليل حماد؟ كيف ينظر إلى الصورة؟ علام يعوّل في اختيارات عدسته؟
نشرت الزميلة صحيفة "الأيام" في الصفحة(11) من العدد (6308) الصادر في 17 يونيو/حزيران 2006  لقاء صحفياً تقليدياً مع المصور خليل حماد ذكر فيها أنّ من أسباب قلّة المعارض الفوتوغرافية في البحرين "... صعوبة اختيار المواضيع الفوتوغرافية" فصغر مساحة مملكة البحرين "لا تسمح للفوتوغرافيين التقاط صور مختلفة حيث أنّ أماكن التصوير محدودة عكس الفنان التشكيلي الذي يستطيع أن يعمل داخل منزله"
وهنا الغلط فادح جداً من رئيس ناد للتصوير يشارك في معارض عالمية. فالتعويل في التصوير ليس على مساحة المكان بقدر ما هو مساحة الثقافة، والقدرة على مناورة المشهد الواحد في ظل حركة الملليمتر واحد. ولا تنتج صعوبة الاختيار إلا من عدم القدرة على رؤية الكثرة في الواحد، والإعياء عن استلال ألوان لا تنتهي من لون واحد.
خليل حماد يفهم التصوير على أنّه صور لأمكنة كلما اتسعت جغرافياً تعددت الصور وتنوعت. وهو ذلك يقصر التصوير على التصوير السياحي "Travel photography " الذي يعتمد على التنوع المكاني وما صاحبه تعدد في العادات، ومشاهد الطبيعة. ولأننا نفتقد التغيرات الطبيعية الكبيرة في البحرين، صارت التنوع في تصويرها لدي حماد محدودة جداً. ولأن حمّاد يعني ذلك بالتأكيد نراه يحدد مواقيت يكون  التصوير جيداً: "الصباح الباكر والمساء، ولو خيرتني لاخترت الصباح وذلك لنعومة الإضاءة وصفاء الطبيعة وقلة التلوث.."
يفضل بعض المصورين الاعتماد كثيراً في صورهم على الطبيعة، وعلى زياراتهم إلى بلدان مختلفة، فتكون حيوية الصورة ليست في القدرة على تخيّرها بقدر ندرة المشهد فيها، وجماله، ومغايرته لما عندنا، أو ربّما لما لم نره. فإذا لم يجد هذا المصور تلك المشاهد ظنّ الخلل في المعروض أمامه، لا في قدرته على تقليب حركة الملليمتر الواحد فيما يراه. فالصورة هنا سيدة للمصور العبد! ويكون التفضيل الجمالي حينها في ذروته، وتصبح الطبيعة واهبة للمشهد في تلك الصورة. فالفضل حينها للمغايرة، لا في مغامرة العين.
لماذا يستطيع الفنان التشكيلي العمل في داخل منزله ولا يستطيع المصور الفوتوغرافي ذلك؟ لأنّ الفنان التشكيلي تجاوز مرحلة الوقوف أمام المكان ليعرف كيف يرسم هذا المكان. وتجاوز البحث عن المشاهد السياحية التي كان ينصب أمامها لوحته، وتجاوز – فيما أظن- النقل للشكل ولم يفعل كثير من المصورين الفوتوغرافيين كذلك.  
فعلها المصور الصحفي الشاب عيسى إبراهيم (27 عاماً) عندما دخل مكان قديم جداً في قرية "بوري" شمال غرب المنامة وصار يدور فيه ويلتقط لكلّ شيء صوراً حتى أحيت حركته المكان كلّه. بعض مصوري ومصورات نادي التصوير في جامعة البحرين على قلة إمكانياته، وبحيوية مديره سعيد منصور أدركوا حركة الملليمتر الواحد فصارت الأمكنة الضيقة متسعة بقدرتهم على تقليب الشيء. 
ملليمتر واحد فقط لا أكثر!
التصوير الفوتوغرافيّ استمرارٌ في ممارسة دهشة العيون. أرجعْ إلى الكاميرا مرّة أخرى واجعل في كل ملليمتر حركة حولك مشهداً جديداً. ففي القدرة على تقليب الشيء حياة العين. والحيّ وحده ينقلب.

 

               

        

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م