بسم الله الرحمن الرحيم
(ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ )
صدق الله العلي العظيم
النساء95

المتأمل لهذه الآية القرآنية الشريفة لأول وهلة يقف على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الإلزام بالطاعة
الأمر الثاني : الإطلاق في الإلزام
الأمر الثالث:التأكيد على الطاعة

الأمر الأول:
أطيعوا الله..فأطيعوا فعل أمر ، وفعل الأمر يدل على الوجوب إلا إذا دلت القرينة على خلافه ، وهذا الأمر من الأوامر التي خصها الله بالمؤمنين لأنه تعالى وجد عندهم الاستعداد التام لتقبل هذا الخطاب .

الأمر الثاني:
الإطلاق في الأمر(أطيعوا الله) نستفيد منه أربعة أمور:
الأول:
أن طاعة الله لاتختص ببعض المكلفين مثال على ذلك، ترى البعض يتنصل عن التقيد بإطلاق الآية قائلا:من أنا حتى أتلبس بطاعة الله في كل حياتي إنما ذلك للمعصومين فقط ، وهذه مغالطة لأن الله تعالى قال: (َاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ) التغابن 16
الثاني:
ومن الإطلاق أيضا نفهم أن طاعة الله غير محصورة ببيوت العبادة ‘ فالبعض من الناس تراه في المسجد شعلة إيمان ولكن إذا خرج من المسجد تجد أن كل معاملاته مخالفة لطاعة .
الثالث:
ومن الإطلاق نفهم ان طاعة الله غير منحصرة بزمان معين، كما أنك تجد البعض يتلبس بلباس الطاعة في شهر رمضان فقط وإذا انقضى عنه شهر رمضان يعود لماكان عليه من معصية ،وهناك البعض يرى ان بعض الأوقات لاتتناسب والالتزام بطاعة الله ،مثل ليالي الأعراس ومايكون فيها ممايغضب الله من غناء او رقص او ماشابه ذلك،واذا قلت لهؤلاء اين طاعة الله ؟
كان الجواب : انما هي ليلة واحدة.
قال امير المؤمنين(ع) (أعظم الذنوب ذنب صغر عند صاحبه)
عيون الحكم والمواعظ - علي بن محمد الليثي الواسطي - ص 123
الرابع:
ومن إطلاق الآية نفهم ان طاعة الله غير منحصرة بظرف معين ، كما تجد البعض يلتزم بطاعة الله إذا كانت عنده حاجة ويرجو من الله قضاء حاجته.
كما يقول الشاعر :
صلى المصلى لأمر كان يطلبه ****فلما انقضى أمره لا صلى ولا صاما

الأمر الثالث:
التأكيد في الأمر وذلك يعرف من تكرار الأمر بالطاعة (طاعة الله وطاعة الرسول وطاعة أولي الأمر منكم)
لأن الطاعة تجعل الإنسان قريبا من الله بعيدا عن الشيطان وبذلك يكون عزيزا في الدنيا وله الجنة ،وأما إذا ابتعد الإنسان عن الطاعة يكون ذليلا في الدنيا وله جهنم.
عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال في حديث وإذا أردت عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فأخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز وجل.
جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج 14 - ص 86

أيها الأحبة ان الابتعاد عن الطاعة يجر الإنسان إلى ويلات في حياته، وقد تناول أمير المؤمنين(ع) في دعاء كميل ستة منها إذ قال:
1)اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم
2)اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم
3)اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم
4) اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء
5) اللهم اغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء
6) اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء
مصباح - الكفعمي - ص 555

وقد شوق الله الانسان للطاعة ، فقال تعالى(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)الأنعام 160
يقول لإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : يا سوأتاه لمن غلبت إحداته عشراته - يريد أن السيئة بواحدة والحسنة بعشرة - ( 10 ) .
ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - ص 636

وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وجدت الحسنة نورا في القلب ، وزينا في الوجه ، وقوة في العمل ، ووجدت الخطيئة سوادا في القلب ، ووهنا في العمل ، وشينا في الوجه.
ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - ص 636

ينقل ان رجلا دخل مصرا من الأمصار فوجد حدادا تنبعث من جسده رائحة طيبة من دون أن يتطيب .
يقول هذا الرجل فسألت هذا الحداد : هل انك ولدت وهذه الحالة عندك؟
فقال : لا ليس كذلك ولكني تعرضت لحادثة تسببت لي في ذلك.
فقلت له وماهي؟
فقال الحداد لقد جائتي يوما عجوز وقالت لي ان عندنا في البيت شغلا ان أمكنك ان تمضي معي .
فمضيت معها فأدخلتني حجرة وغلقت علي الباب فبقيت حائرا في أمري فبينا انا كذلك دخلت علي فتاة من باب في الحجرة بكامل جمالها وهي في هيئة شبه عارية وقالت هيت لك.
وان لم تفعل صرخت وفضحتك عند الناس .
يقول الحداد فصرت أفكر كيف أتخلص من هذه المصيبة ..فأدركتني الفطنة أن استأذنها بدخول الحمام لأستعد لما طلبت مني .
فدخلت الحمام وتغوطت ولطخت جسدي بالغائط .
فما أن خرجت ونظرت إلي الفتاة نفرت مني وقالت اخرج لا أم لك ، فخرجت من عندها ومضيت إلى داري واستحممت ووضعت رأسي على الوسادة وما إن استقيضت إلا وجسدي تنبعث منه هذه الرائحة الطيبة كما ترى.
فالالتزام والطاعة الصادقة تكون في البحث عن وسائل النجاة من شرك الشيطان .

ملخص حديث يوم الجمعة
25ربيع الأول1428هجري
ابومحمد