يطل علينا شهر رجب بجدلتين كبرتين:
• الأولى: على الصعيد الروحي.
• الأخرى: على الصعيد الفكري.

أما على الصعيد الروحي، فلما يمثله رجب من فضاء روحي وآداب وسلوك تقترن معه وتتطلب مواكبته بها، فكما يقول المحدث القمي (قدس سره) في كتابه الثمين مفاتيح الجنان.. أن هذا شهر متناهي الشرف، وروى عن النبي (ص) أنه قال: (أن رجب شهر الله العظيم لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلا والقتال مع الكفار فيه حرام، ألا أن رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي، ألا فمن صام من رجب يوما استوجب رضوان الله الأكبر وابتعد عنه غضب الله وأغلق عنه باب من أبواب النار)..

وعن الإمام الكاظم(ع): (رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل).. هذه بعض هوية هذا الشهر الجليل وأكثر من ذلك قدمها الفقيه الثقة والمحدث الجليل الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه (فضائل الأشهر الثلاثة) والذي لو كان هناك قيمة لأهل المعرفة لما توانى أي مسجد أو مأتم أو هيئة في البحرين عن نشره وتوزيعه في مطلع هذه الأشهر الثلاثة وهم أهل اقتدار في هذا المجال..

على كل حال يحمل الشهر في طياته كما قلنا هذا المناخ المعنوي الذي يلازمه سلوك ونمط من الحياة ربما تحسب في حسابات أنماط الحياة اليوم بالحياة الرجعية، وهنا تقفز الجدلية على الصعيد المعنوي بين إرادة الإبقاء ومحاولات الإلغاء..
وأما على الصعيد الآخر.. فإن هذا الشهر يحمل اسم الإمام علي(ع).. ومن الطبيعي في الثقافة الشيعية أنه حيثما يكون هذا الاسم النوراني المقدس موجودا فإنه تختفي كل الأسماء والمسميات والعناوين ويشخص هذا العنوان وحده.. وفي هذا الشخوص الطبيعي تبرز الملازمات الطبيعية وهي أمر الفيصل بين الحق
والباطل فتدار في الأفق جدليات كبرى حول الصواب والخطأ، والحق والباطل..

وكلتا الجدليتان أبرزتا في وقتنا المتأخر عنوان (التكفيرية) و(التشدد) الذي يطلقه أصحاب (التحلل) وما يوصفونه بـ(التعايش) و(التنوع) و(التعدد) و(التحضر) ولنقل (التدلع).. أو الإباحية بأصرح العبائر.. وإذا كنا سنعيش الخوف من التكفيرية بوصفها لغة قاتمة ورجعية وخطيرة فإننا وللإنصاف لابد وأن نعيش هذا الخوف من الإباحية والتي لا تحمل إلا المجهول.

ثبتنا الله بالقول الثابت على هدي محمد وآل محمد(ع).