قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
بين التمذهب وفقدان الاستقلال....محنة الأزهر الشريف في تقنين التعليم الديني
الاستاذ كريم المحروس...جريدة الوقت - 2008/04/28 - [الزيارات : 5143]

 
بين التمذهب وفقدان الاستقلال..
محنة الأزهر الشريف في تقنين التعليم الديني


كريم المحروس:
الوقت -العدد 795 الجمعة 20 ربيع الثاني 1429 هـ - 25 أبريل 2008 vspace=4

اختار الفاطميون لهذا الجامع اسم (الأزهر) نسبة لابنة الرسول الأكرم (ص)؛ فاطمة الزهراء (ع)، حيث عزمت دولتهم على جعله مسجدا لأداء صلاة الجمعة وقاعدة انطلاق لبعثات نشر فكر الفاطميين وعقائدهم في مناطق الشمال الإفريقي. وفيه تميّز منهج الفاطميين التعليمي بتداول عقائدهم وأصول فقههم وفقه اتجاه التشيع إلى جانب إرث وتراث اتجاه الخلافة ومذهب الجمهور على المذاهب الأربعة، فدارت بهذا التنوع المذهبي حلقات الدروس والبحث والتحقيق في هذا الصرح العلمي الديني على وجهٍ أكاديمي مميّز لم تعرف بلاد المسلمين مثيلا له من قبل. وسُجلت هذه المرحلة في التاريخ المصري كأهم مرحلة تعليمية متقدمة في الحياة الأزهرية بعد أن انعكست آثارها الثقافية على المجتمع المصري وكانت سببا مباشرا في إنتاج ذهنية إنسانية منفتحة غير متعصبة تميّز بها المصريون إلى حدّ عصرنا الراهن، وبها تقبلوا الحقائق الدينية إذا ما كانت نتاج مصادرها المحققة بلا مذهبية أو تسييس طائفي.

تطور جامع الأزهر بعد ذلك، وأنشئت مدارسه وضمّت إليه (المدرسة الأقبغاوية) التي بنيت على يد المماليك في عام (1339م)، وكذلك (المدرسة الطيبرسية) التي بنيت في العام (1319م). واستطاعت هذه المدارس صناعة التفوق في موادها وأساليب عرضها على مدارس عهد الفاطميين. لكن الفاطميين سجلوا تميزا حضاريا على غيرهم من خلال الرعاية الكبيرة لشأن مناهج التعليم والاعتدال والتنوع فيها بتجرد علمي، وأدخلوا إليها دروس علوم الكلام والفلسفة والاقتصاد والطب إلى جانب مواد الفقه والأدب والرياضيات وعلوم الآلة المتنوعة كاللغة العربية والمنطق والفنون الأخرى. وبعثوا إلى العلماء الكبار والمتخصصين في المدارس الدينية الأسبانية والمجتهدين من مختلف المذاهب الدينية، يدعونهم للانضمام والتدريس في الأزهر، وأولوهم اهتماما كبيرا، وأغدقوا عليهم العطايا، وأسسوا لهم كل سبل العيش الرغيد ، وبنوا لهم مساكن بالقرب من جامع الأزهر، فزاد بذلك عدد فقهائه إلى أكثر من 37 فقيها، الأمر الذي انعكس بدوره على مهمة نشر حلقات الدراسة في أروقة الأزهر ومساكنه المحيطة.

الأزهر بين الفاطميين والأيوبيين

وفي ذلك جاءت النتائج مثمرة، فتطور التعليم ليأخذ بعدا منظما في العام (369هـ)، فأعيد تنظيم الخريجين الجدد وضموا إلى إدارة تدريس منتظمة، فكانت الحصيلة العلمية نموا في أعداد المدرسين الخريجين بمستوى علمي رفيع، فضلا عن انتساب أعداد كبيرة من الطلاب من كلا الجنسين إلى الأزهر بعد ازدياد مستوى الدعم الذي قدّمه الفاطميون للمؤسسة التعليمية برمتها. واستمر حال التطور التعليمي المميز في العهد الفاطمي إلى عام (567هـ) حيث حمل الأيوبيون على هذه الدولة فدمّروها وقوضوا أركانها وأغلقوا الأزهر لمدة تزيد على 300 عام لأسباب ودواعي طائفية محضة، ثم أسّسوا بعض المدارس الدينية البديلة التي أقامت منهجها السلبي على مناهضة اتجاه التشيع الشائع في الشمال الإفريقي. ووظف صلاح الدين الأيوبي قواه وأدواته العسكرية والأمنية لتغيير هوية مصر الفاطمية وأمّن 'بناء المدارس لفقهاء الشافعية واختصاص القضاء بهم، وكان الغالب من أهل مصر الشيعة في عهد الفاطميين الذين كانوا يملكون مصر قبله، وكان المذهب يدرس في الجامع الأزهر وغيره، فأبطل صلاح الدين درسه فيها وأحيا مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك، وبنى لهم كثيرا من المدارس، ورغب الناس فيها بالأوقاف التي حبسها عليها فرغبوا فيها وأخذوا في تقليدها وهجروا ما عداها من المذاهب' ('الإمام الصادق والمذاهب الأربعة'، ص168)، ما أفضى إلى جمود الحياة العلمية على عصبيةٍ عمّت مدارس الدين التابعة للأزهر، والى توسع الحروب الطائفية ضد منْ تبقى من الفاطميين والشيعة في مصر والشام حتى مجيء عهد المماليك الذين أعادوا فتح الأزهر وبعثوا الحياة في مدارسه، لكنهم أقصوا فقه اتجاه التشيع (الجعفري) عن مواد الدراسة، وفعّلوا مواد أخرى كالفلسفة والطب والكيمياء.

في القرن السادس الهجري شهدت مصر تعيين أول شيخ للأزهر (عبد اللطيف البغدادي)، لكن الأزهر لم يستقر على حال في منهجه الدراسي، وشهد تراجعا في عهد السلطنة العثمانية من بعد التصفيات الإدارية العشوائية الكبيرة التي نفذها السلطان العثماني وفرضه أوامر مركزية إدارية أصدرها من العاصمة العثمانية قضت بنقل كل نتاج الأزهر التعليمي وارثه الثقافي إلى تركيا، وأقام حركة نقل واسعة لمدرسيه وشيوخه، فكان نصيب مؤلفات الدراسة وتراثه الأزهري السكون في خزائن الأستانة. وهكذا أيضا فعل نابليون في العام (1798م) عندما أفرغ الأزهر وضمّ منْ تبقى من علمائه ورجاله إلى النظام الإداري في مصر حتى مرحلة تفجر انتفاضة الأزهر بقيادة علماء الدين أنفسهم وقصف نابليون للأزهر بمدافعه بعد مقتل الجنرال (ديبوي) مباشرة. وعادت الحياة التعليمية من جديد إلى الأزهر مع نهاية عام (1846م)، وشهدت نموا كبيرا في النظام والمناهج على عهد محمد علي باشا بالتزامن مع نمو دوره في إدارة الدولة ومؤسساتها، فرُصدت الكثير من الاختصاصات العلمية في الأزهر وفق الحاجة الإدارية للدولة، وكان من بين مواد منهجه الجديد: علوم الهندسة والرسم والفلك والصحة إضافة إلى المواد الأساسية كالفقه والأصول وعلوم القرآن وعلم الكلام واللغة العربية والأدب والتصوف والتاريخ والجغرافيا.

وأما من حيث النظام الإداري فقد حُدّدت معايير للدراسة وامتهان التدريس، فأسست في عام (1287هـ) لجان لمراقبة هذه المعايير تحت إشراف مباشر من قبل شيخ الأزهر آنذاك (الشيخ محمد العباسي) وأجريت الامتحانات وصنفت الشهادات العلمية على أساس ثلاث درجات تعطى للطالب المتخرج. وتميزت معايير الدراسة وأساليبها في العام (1896م) بنتائجها التعليمية العالية، ما زاد في استقطابه لأعداد كبيرة من الدارسين من بلاد المسلمين فضلا عن بلاد مصر نفسها، فكان ذلك إيذانا بتأسيس مدارس جديدة للأزهر لتغطي الكثير من مدن مصر وأحيائها ولتأخذ بعدا علميا عصريا وفق الرتب المعروفة في عصرنا الحاضر كالابتدائية والإعدادية والثانوية. كانت مرحلة حكم محمد علي باشا ومشروع إصلاحات الشيخ رفاعة الطهطاوي أهم مرحلة تاريخية تركت أثارها على الحياة العلمية للأزهر من بعد دولة الفاطميين، حيث رافق الشيخ رفاعة الطهطاوي حكومة محمد على باشا وتصدى لوظيفة الإشراف على الكثير من مهامها، لكنه لم يتجرد عن آثار بيئته التعليمية الأزهرية وحس الإصلاح الذي ورثه عن أساتذته الإصلاحيين في هذه الجامعة الدينية العريقة. فكان الشيخ رفاعة الطهطاوي التحق منذ صغره بالأزهر عام (1817م) وتتلمذ على الشيخ حسن العطار الذي تولى مشيخة الأزهر في (1246هـ) حتى عام (1250هـ)، وتميز من بين أقرانه بأفكاره الداعية إلى وجوب العودة إلى الأصالة الإسلامية غير المتعصبة وإنتاج منهج جديد آخذ بفوائد العلوم والحضارة ومهتم بمظاهر العصرنة الوافدة عن أوروبا باعتبارها وليدة الحضارات عامة والحضارة الإسلامية خاصة لا وليدة ذاتها.

تعرض الطهطاوي لمحنة الاستبداد الذي لم يقدر ثمنا للعلوم والعلم، فنفي على عهد الخديوي عباس إلى السودان في سنة (1849م) بعد وفاة محمد علي. لكنه استرد مكانته العلمية في مصر بعد تقلد الخديوي إسماعيل زمام الحكم في سنة (1865م). وتزعم حركته الإصلاحية من جديد، وألف فيها كتبا تدعو إلى الاقتباس عن الغرب علومه ومدنيته ونبذ ما لا يصلح منها وما لا ينسجم مع الشريعة والتقاليد والإرث الثقافي المحلي. محنة الطهطاوي بدأت من بعد إعلانه الاستجابة لإصلاحات محمد على باشا التي تعرضت لمواجهة شديدة من قبل الأغلبية الساحقة من رجال الدين والعلم في الأزهر. ولذلك كان الطهطاوي أيضا هدفا لحملات تشدد العلماء الأزهريين المحافظين الذين نقدوا نظام الدولة الجديدة الناشئ عن بعض زعامات انتفاضة الأزهر، وطعنوا في قيمه الإدارية وبعثاته التي أرسلها إلى خارج البلاد لكسب المعارف والعلوم. وتزامنا مع هذه الظروف المعقدة التي مر بها الأزهر؛ أخذت مصر تلعب دورا قياديا كبيرا في حركة الإصلاح الإداري والتعليمي الديني. ولم يكن محمد علي باشا هو المؤثر الوحيد في إعطاء الزخم لحركة الإصلاح التعليمي الديني، على عكس الحركة السلفية الوهابية التي نشأت آنذاك ونظامها المتشدد إزاء مناهج الدراسات الدينية في مدارس الجزيرة العربية، وتحالفاتها السياسية التي كانت الموجه الأكثر استغلالا للمقاصد الوهابية السلفية والدافع نحو تهيئة الأرضية لانتشار فكرها بين أقاليم الجزيرة العربية .

الأزهر عهد عد الدّولة القومية

في عهد متقدم واجهت الأزهر تحديات خطيرة خارجية كانت سببا في تفاقم مشكلاته الداخلية التي أفقدته هيبة مقاصده وسمو وظائفه التي أنشئ لأجلها في المجتمع المصري، وبرزت بين مدارسه الكثير من حالات التقهقر ومظاهر الهزال العلمي. ففي عهد الملك فاروق مثلا في العام (1937م) ذكر أن شيخا' يدرس في الأزهر عند أحد الشيوخ، وكان هذا الشيخ يمقت الإمام الراحل المراغي، ويلتمس له العثرات ليحدث تلاميذه بها، وذات يوم رأى التلاميذ شيخهم هذا يقبل يد المراغي، وينحني له كأنه في ركوع، وفي أثناء الدرس سأل التلاميذ شيخهم عن تلك المودة والخضوع، فأجاب الشيخ: يا أبنائي'نقبلها ونلعنها'. وقد تأكد التلاميذ فيما بعد أن 'نقبلها ونلعنها' قاعدة مطردة يلتزمها معظم شيوخ الأزهر... ويوم ابتدع فاروق لنفسه نسبا كاذبا برسول الله (صلى الله عليه وآله) قام خطباء المساجد يسألون الله أن يوفق مليكهم المعظم ويرعاه، وقال بعض الشيوخ: 'لقد علم الله أن مليكنا الصالح من سلالة نبيه الكريم، فألهم والده العظيم أن يختار له اسما قريبا من النبوة ألا وهو الفاروق'. وبعد أن ذهب فاروق هذا وقف شيخ من العلماء بين يدي اللواء محمد نجيب فحوقل وبسمل وقال: إن فرعون (أي فاروق) علا في الأرض، وجعل أهلها شيعا... واجتمعت مرة لجنة الفتاوى بالأزهر، وقررت إخراج أبي ذر من الإسلام، وظهرت الصحف تحمل طعن العمائم فيه لأن المصلحين والجائعين يستشهدون بأقوال هذا الصحابي الجليل'.
ساء وضع الأزهر مع قرب عهد الدولة القومية الحديثة على رئاسة جمال عبد الناصر ومن بعد إصدار قرار رسمي بجعل الأزهر في عام (1961م) جامعة علمية إسلامية خاضعة لقانون رئاسي يقضي بإعادة تنظيم منهجه ونظامه الإداري وليصبح مؤسسة رسمية تابعة للدولة وسياساتها. فطبعت السياسة العليا للأزهر بالطابع الاشتراكي، وصدرت عنه مؤلفات تتحدث عن اشتراكية أبي بكر وعمر وعثمان. كما أصدر الشيخ محمد شلتوت فتاوى مساوقة لفكرة الدولة القومية الموحدة التي روج لها وتزعمها جمال عبد الناصر، منها فتوى بجواز التعبد بفقه اتجاه التشيع كان تهدف كسب ود اتباع اتجاه التشيع في العراق الذين يمثل الأغلبية، وضمان تأييدهم ودعمهم لمشروع ضم العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة. وعلى عهد الرئيس أنور السادات استمرت حال تبعية الأزهر لسلطات الدولة وسياساتها، وجرى في حينه الحديث عن أهمية صلح الحديبية بهدف صناعة رأي عام منسجم مع مبدأ تسويق سياسة الدولة للمشروع السياسي القاضي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وهكذا جمد الأزهر وشهد خضوعا تاما لسياسة الدولة وفيه من المنتسبين ما يزيد على الـ20 ألف طالب، وله من المخصصات المالية من الميزانية الحكومية ما يغطي نفقاته كافة. وخاطب أحد أساتذة الأزهر (خالد محمد خالد) شيخه الدكتور عبد الرحمن تاج (1896- 1975م) بخطاب يعكس واقع الحال على صعيد اختصاصات الأزهر وطبيعة مناهجه، فقال: 'إن مهمتك تبدأ من الإجابة على هذا السؤال: هل الأزهر مقبرة أم جامعة ؟! فإذا كان مقبرة فليبق كما هو، وإذا كان جامعة فليمض على الدرب الذي خطته الحياة للجامعات.. وأما الآراء التي قدمها الأستاذ خالد فتتلخص بأن تتكون لجان تعكف على مراجعة جميع مناهج وكتب التعليم بالأزهر، وتراجع الكتب الدينية المعروضة للثقافة العامة من تفسير وتصوف وسيرة، وتعد قائمة بما لا يتفق مع العقل، وتضع اللجان مؤلفا جديدا يحتوي على خطب تذاع على ملايين المسلمين تكشف لهم النقاب عن الخرافات الدينية، وتنظر اللجان في دراسة الفقه الإسلامي على أن مصدره الكتاب والسنة فقط لا المذاهب الأربعة ولا غيرها'( جريدة الوطن الدولي .1998 .31ع 1024 حديث الثلاثاء لفهمي هويدي، ص5).

غياب الاستقلال في التعليم الديني الأزهري

هذه الحال التي وصل إليها الأزهر لحقت بقانون أقر على عهد عبد الناصر، ولعبد الناصر الحق بموجب هذا القانون تعيين شيخ الأزهر ليقود رئاسة مجلس أعلى على رأس الأزهر وبقية أقسامه ولجانه بما فيها مجمع البحوث العلمية الذي يضم كبار علماء الأزهر، ويهتم بمناهج الدراسات في مدارسه وأقسامه، ويختص بالتعليم العالي ويقدم شهادات عليا كالبكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وله أقسام تتفرع إلى كليات تمثل المنهج الحديث المتطور عن منهج الأزهر القديم وتهتم بتخصصات مختلفة منها: الشريعة ومتعلقاتها كعلوم القرآن واللغة العربية والفقه والأصول، والإدارة، والقانون، والزراعة، والطب، والهندسة، واللغات. هذه الأحوال والمحن التي مرت بها المؤسسة التعليمية في الأزهر ناشئة أساسا عن غياب قيمة الاستقلال في التعليم الديني ومؤسساته وخضوعه لنظام الدولة لأسباب مذهبية أو سياسية. وربما شهدت الأوضاع التعليمية عند نهاية القرن العشرين بعض التحسن في هذه الجامعة المهمة؛ إلا أنها لا تخرج في مناهجهما ووسائلهما عما رسم لها من تحول قسري باتجاه التطابق مع مناهج الجامعات الرسمية الأخرى، فضلا عن إخضاعها لنظام إداري وكادر تعليمي مُسيس ينفتح بها بشكل مطلق على الثقافات العالمية وفق مقاييس محددة ومقيدة وخاضعة للنظام السياسي والمذهبي، وبعيدة كل البعد عن المقاييس العلمية التي تصنعها آلات البحث والتحقيق العلمي الخالص والأصيل في إطار ضوابط تفرضها نصوص دينية واضحة الدلالة ومقاصد تعليمية تقرها هيئة علمية اجتهادية مستقلة مجردة الأهواء والمقاصد الخاصة. وأما مبدأ إصلاح وتجديد المؤسسة التعليمية في هذه الجامعة العريقة عبر إضافة مواد أخرى في مجالات إنسانية وطبيعية ورياضية بلا دراسة واعية لحاجات ومقاصد منهج الدراسة الإسلامية وأهدافها على الصعيد الديني والاجتماعي والثقافي؛ فمما لا شك فيه أنها قربت الأزهر إلى مناهج الدراسات في الجامعات المصرية ولكنها أبعدته كثيرا عن نتاجه الديني الحضاري المراد.


* باحث بحريني

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م