قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
شلة كرانة تستنكر التضامن مع "المشيمع"
- 2009/02/27 - [الزيارات : 5160]

 

شلة كرانة تستنكر التضامن مع "المشيمع"

 

 كريم المحروس
27/2/2009م

شلة من الشِيَبة السياسيين المثقفين المفترضين في قرية كرانة، توفاهم الله تعالى وأبقى على اثنين منهم مازالا في صحة من جسهما .. يلتقيان عصر بعض الأيام في "بسطة القهوة" المعتادة على الجانب الشمالي من شارع النخيل ليستعيدان ذكريات الماضي العتيد وشيئا من الحاضر.

أحدهما معارض كان شديد المراس في حوادث الخمسينات، لا يمل من سرد تفاصيل سفرة العمر اليتيمة إلى خارج جزيرتنا قضى أيامها السعيدة في دولة أوروبية يرجح أنها كانت بريطانيا قبل أربعين سنة تقريبا، وكانت سببا في تشكل وعيه السياسي. لذلك يسمى"أبو سَفْرة". بينما انفرد "الشايب" السياسي الآخر بقية "البسطة" رحمهم الله تعالى بقدرة على الإنصات لا مثيل لها في قرية كرانة منذ فترة شبابه، وإن نطق، فبحديث مقتضب جدا ، وأما مفاهيمه فتوحي إلى أنه كان كثير الشك في أحاديث" البسطة" كلها منذ تشكلها، ولم يستثن منها ماجريات قصة "أبو سَفْرة" التي لم تنته من السرد منذ عشرين عاما وكأنها رحلة "ماركبولو" في طريق الحرير ، وغالبا ما يصف أحاديث"البسطة" بالاختلاق المستحق للبينونة.. ولكن ما حيلة من قضى رفاقه كلهم بالأمس ولم تبق السماء له في "بسطة" كرانة إلا رفيقه "أبو سَفْرة"!

"أبو سَفْرة" كان مثقلا بالكلام عن رحلته إلى أوروبا على غير العادة في عصر لقاء "البسطة" من يوم الخميس ، ورفيقه المتقي "المنصت" كله أذن صبر صاغية .. ابتدأ "أبو سَفْرة" في السرد بعد احتساء القهوة:

صحوت ذات يوم على ضجيج حادث سير مروع ذهب ضحيته اثنان من الرعايا البريطانيين.. بعد أربع ساعات من المعالجة الصعبة للموقف من قبل الجهات المختصة، شاهدت عائلة تقترب على حذر من موقع الحادث لتضع برفق شديد شدة ورد طري .. جرني فضول المعرفة للسؤال عما إذا كان قتلى الحادث أو أحدهما من أقرباء هذه العائلة اللطيفة ، فتأكد لي بأنهم يجهلون قتلى الحادث مطلقا ، وما هذا السلوك إلا عادة نابعة من حسهم الإنساني وذوقهم الحضاري الرفيع الذي يحكم مجتمع هذا البلد ..

يا رفيقي صدقني القول.. فهذه واحدة "حطها في أدونك زين" و"مو" تنساها، وتعال معي لندخل في "الثانية" !

تدري .. غامرت بمحاورة رب العائلة هذه .. سألته: ألا يدلك الحادث هذا على خطأ مروري قد يتحمل مسئوليته وزير الداخلية أو أي جهة أخرى؟. فأجابني بالقول: سؤالك وجيه ينم عن وعيك العلمي!..في هذه البلاد، بعد وقوع حادث مروري بهذا الحجم تخضع وزارة الداخلية للاستجواب من قبل جهات خاصة مستقلة تفد على مكان الحادث وتدرس الإشارات واللافتات وعلامات ضبط سير المركبات والمسافات الفاصلة بينها .. إنه أمر علمي معقد جدا يصعب تفصيله لك في عجالة!.

يا رفيقي صدقني القول.. "ما أطول عليك الحجي"! .. وجدت في هذا الرجل ذوقا رفيعا وصبرا على النقاش في تلك اللحظة التي انشغل فيها الناس بمشاهد الحادث وأضراره .. إنه ضالتي .. فانتهزت هذا الاستعداد لاستطلع فكره. وعلى سجيتي ، ومن تكوين ظروف بيئتي سألته: يصل التحقيق المعقد عندكم في هذا البلد إلى أقصى درجاته في حادث سير، فكيف بالأمر إذا ما كان متعلقا بشأن سياسي، كاعتقال شخصية سياسية معارضة بارزة مثلا؟.

تغيرت ملامح وجه رب العائلة اللطيفة وظهر عليه الاستغراب لمضمون سؤالي. فبحسب ثقافته ان في سؤالي هذا لحنا من التخلف، لكنه أخذني على قدر معارفي فأجاب بالقول: الوزارات عندنا درجات متكاملة، أعلاها في عصرنا الحديث وزارتنا المعنية بالاقتصاد.. وقد سمعت جدي يقول بأن أعلى وزارة درجة في الحساسية بالنسبة للمواطنين قبل قرنين كانت الوزارة المختصة بالشؤون السياسية وتمثل مصير الحكومة واستقرارها.. منذ ذلك الوقت حتى يومك هذا لم تشهد بلادنا اعتقالا لأسباب سياسية ، ومرجع ذلك إلى أن الاعتقال السياسي يعد مظهرا من مظاهر التخلف في الأصول الشرعية لا التنفيذية القانونية، وتخضع أعلى سلطة في البلاد للاستجواب إذا ما عني الأمر باختراق الأصول الشرعية التي شيدتها خاتمة قرنين من الفوضى والحروب الأهلية المروعة ..أنت تسألني عن أمر تخطته قيم بلادنا منذ قرنين من الزمن، ولا يعلم تفاصيله التاريخية إلا جدي، ولا علم تفصيلي عند أبى فيه فكيف بعلمي أنا.. قضت ثقافتنا في دائرة الأصول الشرعية أن يدرج هذا الأمر ـ محل سؤالك- في بطون قصص التراث فارجع البصر كرتين.. مثلك يعرف ان ثقافتنا أوصلتنا إلى الإيمان بضرورة تأسيس منظمات حقوق الإنسان أو الإنفاق عليها للمساهمة في الدفاع عن المعتقلين السياسيين في بلادكم لا بلادنا..أفهمت؟!.

يا رفيقي .. هذه "الثانية"، هل تلقفتها؟ .. إذن "حطها" مع "الأولى" في فكرك واجمعهما، فـ"ويش" يطلع عندك؟

يبدو ان الجمع بين "الأولى" و"الثانية" بحسب تصنيف حكاية "أبو سَفْرة" قد أشعل فتيل الصاعق في ذاكرة بقية "البسطة" الصموت الذي قرر الانقلاب على شكه وتبديده ـ وفي الاحتمال: أن السبب الحقيقي للانقلاب كان وافدا على ذاكرته ومما تراكم فيها من نتائج متابعة تطور حوادث البحرين ، وما عملية الجمع بين أولى "أبو سَفْرة" وثانيته إلا محفزا طارئا- ثم استجمع قواه واخترق بها عادة الصمت بلسان طلق فصيح حين قال:

يا بقية رفاقي و"البسطة".. يا "أبو سَفْرة".. تدري "ويش" طلع عندي؟!. طلع: أن "الأولى" علينا وليست لنا. وتفصيل ذلك يا عزيزي: أن الذوق والحس الإنساني تَضَامَنَا في سردك القصصي مع مجهوليْن ميّتَين في قضية عاطفية. أما نحن ففي جزيرتنا نعاني من خرق لقضية وطنية سياسية حية واضحة ساخنة ونحن نتوفر على حس ديني وطني يفوق الذوق ويشكل فينا أهم مقوم من مقومات العمل الجاد الدؤوب لنصرة رموزنا المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الأستاذ حسن المشيمع، فلماذا نتجرد من كل ذلك لينتهي بنا الحال إلى تبنى مفهوم بسيط ساذج كمفهوم "التضامن" مع رموزنا السياسية المعارضة من خلال مجموعة بيانات أو اتصالات "تضامنية". ألا تعلم يا رفيقي ان مفهوم "التضامن" لا يطبق موضوعيا إلا في قضايا شخصية عاطفية بسيطة كقضية الموت لمجهولين في حادث سير مروع وما أشبه أو في قضايا أخرى تجري في ما وراء أعالي البحار كقضية سجين سياسي في جنوب أفريقيا وما أشبه.

واما "الثانية" يا رفيقي فلنا وليست علينا ولكن احبس لي أنفاسك.. وتفصيل ذلك: علينا أن نعلم ان هناك أجيالا لشعوب أخرى لم تعد تتذكر السنة التي جرت فيه آخر عملية اعتقال لشخصية وطنية في قضية معارضة سياسية ، لأن الاعتقال السياسي أصبح جزء من التراث والتاريخ ، وباتت ثقافتهم الكافل والضامن لحرية النشاط السياسي بفضلٍ من الاستقرار في الأصول الشرعية الصانع الأول لمبادئ هذه الثقافة . فلا تستغرب لتَصَعُّد وزارة الاقتصاد درجات متقدمة ومن ثم احتلالها المرتبة العليا عنهم، متفوقة بذلك على بقية وزارات الدولة.. حتى أصبح مفهوم الحق في الاعتراض والتعبير السياسي شرفا يتقلد جيد رأس السلطة العليا في البلاد لا طعنا في ذاته.

اما نحن.."ويش أقول ليك"، فقابعون في جزيرة صغيرة لا تزيد مساحتها على 700 كيلومتر مربع، ويغص شمالها ووسطها عدد من سكان لا يتجاوز النصف مليون ، وعلى رأسها سلطة سياسية مضى على حكمها قرنان وربع القرن من الزمن. كل هذه المعطيات تستوجب في علم العقلاء وصول المجتمع البحراني في عصرنا الراهن إلى أعلى درجات النمو السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي. وان كل ظاهرة تجري على ظهر هذه الجزيرة على غير ذلك ، من قبيل الاعتقال لأسباب سياسية أو حتى جنائية؛ فإنها تستدعي منا مراجعة مفاهيم هذه السلطة التي أفنت قرنين ونصف من عمر هذه الجزيرة ومجتمعها ولم تصل بهما إلى مستوى لائق على صعيد الحريات فضلا عن الاستقرار في الأصول الشرعية للنظام.

إذن، فالمسؤول الأول عن الاعتقال السياسي للأستاذ المشيمع ورفاقه - بحسب معطيات جزيرتنا ومقارنتها بنمو دول العالم المتحضر- هو ملك البحرين دون سواه ، وعليه يقع الواجب في إعادة النظر في هذه القضية وقضايا مصيرية أخرى باتت تعكس للعالم صورا مشوهه عن نظام حكم عائلته.

"أبو سَفْرة" لم يصدق انه جالس في"البسطة" أمام بقيتها الصموت الذي احكم السيطرة على دفة الحديث من بعد "الأولى" "الثانية" .. فلقصة السفرة اليتيمة بقية عنده قد يستغرق سردها أكثر عشرين سنة من "البسطات"!

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م